الحب إشتهاء عين
-إثنان يصعب إقناعهما غبي و عاشق ؛وكانت هي عاشقة غبية ؛ كلما إقترحت عليهاحلاً لتخرج من حيرتها التي صنعتها بنفســها كلما رواغت ووجدت أعذار سخيفة وكأنهّا
تستمع بحيرتها و لاتريد أن ترتاح ؛فضقتُ ذرعا بها وصرخت بعد طول صبر:
-أتعلمين إفعلي ما يحلو لك و تصرفي بالطريقة التي تناسبك ؛ لقد سئمت منك ومن قصتك ..
-أسفة لن أزعجكِ مجددا ...ردت بحزن وهمت بالمغادرة .
-خلص ,إنتظري لكن ستكون هذه المرة الأخيرة التي نتناقش فيها حول هذا الموضوع ...
قصتها تتكرر ألاف المرات ؛فتاة رقيقة عاطفية واقعة بين نارين ؛تحب شخصا لايهتم بها أصلا وهناك من يحبها بجنون ولاتبادله ذلك الشعور ؛وهي تخاف إن إرتبطت بمن
يحبها أن يبقى قلبها معلق بمن تحبه ؛فتظلمَ قلبه وقلبها ...
أخبرتها أكثر من مرة بأن شعورها ذاك ليس حبا ؛فقط لأنه يتجاهلها هي تفكر فيه ؛ومثلما العين تشتهي مالاتملك, القلب الغبي يميل لمن لايشعر به ؛وطلبتُ منها أن تتجنبه و تبتعد عنه
إن كانت لاتملك الهمة والقوة و الإرادة لتقاوم ضعفها ؛وستتمكن من السيطرة على قلبها حين تتحكم بنظرات عينيها فالحب ماهو إلا إشتهاء عين لاتشبع , تسعى دوما للحصول
على ماتراه و يعجبها ...لذا يقال بعيد عن العين بعيد عن القلب ....
-إسمعيني الآن سأحكي لك قصة حقيقية وبعدها إفعلي ما يحلو لك
-كانت "فريدة" صديقة جميلة جدا,قوية الشخصية ؛كانت ذكية إجتماعيا أما دراسيا فمستواها ضعيف ,لذا فقد تخلت عن الدراسة قبل أن تنتقل للثانوية ,كانت تخطط
لأن تتزوج بجارها الذي جمعتها به قصة حب طويلة وصادقة ؛كل القرية تعلم تفاصيلها ...
مرت سنوات عديدة لم ألتقيها ؛ وحدث أن جمعتنا الصدفة من جديد في بيتها ؛ إزدادت جمالا و سحرا و صارت أمًا لبنت حبوبة ؛بعد أن إسترجعنا ذكرياتنا السابقة ؛سألتها عن
الزواج كيف هو ؟ وهل هي سعيدة بإرتباطها بمن تحب أخيرا ...
ردت ببرود وحزن بأنها لم تتزوج حبيبها ذاك و بأن صراعات عن الأرض حولت أفراد العائلتين لأعداء ؛ورغم إصراره هو على طلب يدي أكثر من مرة فإنه رُفض بطريقة مهينة
تجرعنا مرارة الألم والقسوة ؛و عانينا عذابا لايتحمله بشر وزاد من عذابنا زوجي الحالي الذي رغم إهانتي له مرار و تكرارا, ورغم تهديد حبيبي له ومواجهته بأن يبتعد عني فقد تقدم
لأهلي وهو يعلم جيدا كم أكرهه و أحتقره وأني عاشقة لسواه ؛ لكنه كان كما يدعي مهووسًا بي و يعشقني كما لم يعشق رجل إمرأة ...
وطبعا وجد إخوتي و عائلتي فرصة للتخلص مني و للإنتقام من حبيبي ؛و رضختُ أنا لرغبتهم فلم يكن بيدي حيلة وإعتقدت أني حين سأرحل بعيدا عنه سيخف حبي و سأنساه
وأنه مع العشرة قد أحب زوجي ....
-أكملي هل حصل ما تمنيته؟
-ربما لاحظتِ أني أعيش كأميرة وزوجي يلبي طلباتي و يدللني و يطيعني و يسعى لإرضائي دائما ....لكن قلبي مازال معلقا بحبي الماضي وكلما ذهبت لزيارة أهلي
أجده ينتظرني و يتأملني بنفس الشغف الذي كان و لايبالي بزوجي ؛وكلما حاولت أن أحب زوجي أتذكر كيف فرق بيننا فأكرهه وأحتقره ؛ويزيد إستسلامه لي من قرفي منه ....
-لكنك ظالمـة يا صديقتي ؛ لقد صرت الأن إمرأة متزوجة وأما لبنت حلوة ؛ وزوجك يبدو طيبا وحنونا وكريما معك ؛فحرام ماتفعلينه به و بنفسك ...ليس عدلا أن تعاقبيه
لأنه عشقك مثلما عشقك الآخـــــــر...
-أتعلمين أنه مازال لم يتزوج بعد وأقسم أنه لن يفعل مالم أكــن أنا له ...
-أنت مجنونة ؛ أنت تخيفنني أنا أحدثك عن زوجك وعن ظلمك له وأنت تتحدثين عن الآخر؛ أفيقي يا صديقتي و تغلبي على ضعفك و إنسي ذكرياتك ؛فقد قدر الله وماشاء فعل
عودي كما عرفتك طيبة وحنونة و وفية ...
-وفية لمن أحببتْ أم لمن خطفني وسرقني منه؟
بذلت جهدي لمواساتها و نصحها ؛ووعدتني بأنها ستبذل المستحيل كي تنجحَ زواجها بخاصة وأنها كانت تنتظر مولودا جديدا ؛قد يحمل لها النسيان والفرح ؛ورغم أني توجستُ
من نظراتها الباردة القاسية حين ودعتني فقد بقي لي أمل كبير بأنها ستصير أفضل ....
لكن أملي خاب حين حدثت فضيحة سمع بها الجميع ؛ وكانت صديقتي بطلتها للأسف فقد ضبطها زوجها مع حبيبها في بيته ؛وقيل أنها دافعت عن حبيبها في مواجهة زوجها
وإقتيد الحبيب للسجن؛ وتطلقت صديقتي و صارت قصتها على كل الألسن ؛وبعد فترة خرج حبيبها من السجن و أول ماقام به هو طلبها للزواج ...
-مستحيل ؛قصة عجيبة بحق...
-إصبري حتى نصل للنهاية...
لقد سامحها زوجها و طلب عودتها له لأجل البنت والولد ,لكنها رفضت بشدة و قبلت بأن تتخلى عن أطفالها من أجل رجل أحبته ...
مضى عامان , هدأت الفضيحة لكنها لم تمت ,تزوجت صديقتي بحبيبها وإرتبط زوجها بإمرأة أخرى لتربي أطفاله ولم تفلح في أن تجعله ينسى فريدة و أن يحبها ولو نصف حبه لها ...
أنجبت فريدة إبنا يشبه أباه ,بعد أن رمت طفليها من رجلها السابق بكل وحشية ...
-الآن قولي لي هل يوجد جنون يفوق جنون صديقتي و حبيبها حتى لا أسمية حبا ؟
-لا ..أظن عشقهما أسطوري
حسنا إستمعي لخاتمة القصة ؛ تغير زوج فريدة العاشق و تلاشى حبه وتحول لإهانات مستمرة ؛ و أصبح يعَّيرُها بخيانتها التي كانت معه و بسببه و لأجله؛ أصبح يحتقرها لتخليها
عن طفليها وتحولت جنه حبهما لجحيم لايطاق ؛ كان يتمادى في إذلالها ليتخلص منها بعد أن وقع في حب فتاة أخرى ....
وطبعا لم تتحمل فريدة كل ذلك ؛وبدأ شعور بالذنب و القهر يتملكها ؛لقد خسرت دنياها و آخرتها ؛خسرت أطفالها و رجلها وشرفها مرة واحدة ,فوضعت حدا لعذابها بأن إنتحرت
بعد أن فقدت عقلها ...
-ياه قصة حزينة جدا جدا ..
- هل إقتنعتي وستنتبهين لنفسك؟؟؟ ؛ أظنك ستتخلصين الآن من وهم صنعته لوحدك...
-نعم طبعا ؛لكن عندي سؤال ؛لماذا لم يخبو حب زوج فريدة ؟لماذا بقي يحبها بعد أن حصل عليها ؟ فحسب ماقلت لي الحب ماهو إلا إشتهاء عين لشيء لم تحصل عليه
-هو حصل على جسدها لكنه كان يعرف أن قلبها مع الآخر ؛ كان يشبه طفلا حصل على قطعة حلوى إستمتع بمذاقها لكنه لم يتذوقها ؛ لم يعرف طعمها الحقيقي لذا فقد
بقي مشتاقا و متلفها دوما لها ؛ وطبعا رجلا كهذا يتزوج إمرأة تهينه و تحتقره و تحب غيره ثم تتخلى عنه وعن أطفاله ويبقى يحن لها ليس رجلاً أصلا ؛لايستحق إلا الشفقة والرثاء...
-وماأدراك أن من يحبني لن يخبو حبه و يتخلى عني يوما ...
-الحب يجذب الحب ؛ الإهتمام والحنان و الإحترام كفيل بأن ينجح علاقتكما لكن بشرط أن تنسي تماما ذلك الذي تحلمين به؛ إفتحي قلبك و توكلي على الله و أقبلي
بنصيبك وقدرك فالحب الحقيقي يولــد بالعشرة وحسن المعاملة و الصدق ؛و إن رأيت قلبك لايتقبل مطلقا هذا الذي يريدك فقولي له ذلك ؛لكن لاتتركيه معلقا هكذا
وتمنحينه أملا كاذبا مرتبط بمدى إنتباه الآخر لك ؛ هذا تصرف مشين صديقتي...
صمتتْ لفترة ,فحمدت الله أني نحجتُ أخيرا في إقناعها لتبادر بالقول :
-هل تعرفين أنا أحبه حبا حقيقيا ؛ولن أبتعد عنه حتى وإن لم يهتم بي الآن سيأتي يوم ويشعر بي فيراني و يحبني ...
-تمالكتٌ أعصابي و ندمتُ على الوقت الذي ضيعته لأجلها وعلقتُ على كلامها بهدوء وثقة
يبدو أنه لا أمـــــلَ منكِ ؛ أدعو لك بالهداية ولي أيضا , تفضلي غادري الأن لأني إكتفيت من قصصكِ.
. تمت.
منقول