الحفيد وكان شابا : جدي ... جدي ألم تعدني أن تحدثني عن تجربة قلت أنك لم تحدث بها أحدا غيري من قبل ؟؟
الوعد ..الوعد ، والعهد ...العهد..
فتبسم جدي ثم أطرق اطراقة كأن السنوات كرت عليه بأيامها ولياليها ، ثم تنهد واطلق زفرة من صدره
وقال : يابني لقد عدت بي إلى سني الشباب إذ القلب حي ينبض... أحلامي كبيرة ...وآمالي عريضة... فكأني أنظر بعين كشفت حجب الغيب بأني ساكون وأكون...!!
بني ...وعيت الدنيا وأنا أنظر إلى أبي رحمه الله وهو يستقبل طلبة العلم في بيته يدرسهم مختلف الفنون فإذا جن عليه الليل
غشيه العلماء يتناظرون ويمحصون عويص المسائل وأنا أجلس استمع ، ولعل أبي يكلفني بجلب كتاب من مكتبته العظيمة
فعرفت وأنا في نعومة اظفاري أمات كتب العلم
لكن لم تشبع عيناي من أبي فخطفه الموت وأنا مازلت في الثانوية فعند ذاك أصبحت المعيل بعده رحمه الله
ولطف الله بي فدخلت المعهد ثم الكلية
فبشهادة المعهد أدرّس في إحدى المدارس الابتدائية ومع ذلك كنت أدرُس في أروقة الكلية
ولابد لي من مصدر رزق أعيل نفسي وأهلي فكانت فكرة الدروس الخصوصية ...
سمع بي بعض الموسرين وعرف أني متفنن في العربية... أحفظ أشعار العرب وأيامهم ...ولي قدرة على الإنشاء والتعبير
ولا أريد أن أقول إني جمعت مع العلم حسن الصورة وبهاء الطلعة ولم أكن قد تزوجت بجدتك بعد ...
الحفيد : اممممم احم ..احم
فأرادني ذلك الرجل أن أدرس طالبا واحدا لا غير ...وبأجر يعد في تلك الايام كبيرا جدا فوافقت
لكن المفاجأة ....سكت الجد
الحفيد وبلهف : ما هي ... ماهي ؟؟؟
أن الطالب جاء يحمل في صدره تاء التأنيث ( بل كل علامات التأنيث ) ، فلم يكن طالبا ولكن طالبة تتفجر جمالا وتفيض دلالا ، وقد نشرت شعرها على كتفيها
لتنشر جوا مغنطسيا يشد من حولها إليها
ولم يعلمني الأب من أول وهلة حقيقة الأمر لما عرف من تديني والتزامي وهو يريد أن يجلب لبنته أفضل من يدرس العربية ..
نظرت إليها ونظرت إلي وكانت النظرات أبلغ من كل ما يمكن أن يقال ..
فقال أبوها : ما قولك الان ؟ موافق على اعطاء الدروس ؟
فقلت بشرط...!! وهو لابد من وجود محرم معها أنت أو أخوها..
فقال : ولمه ؟ قلت : لأن ديني يأمرني بذلك... ثم افترقنا
كان اللقاء قصيرا ولكن ما إن رجعت إلى بيتي حتى جلست وحدي
فجاءني خيالها زائرا ... وأنت تعرف الشباب
الحفيد : نعم ...نعم ..أعرف .. ستخبرني ؟؟؟!!!
كانت من أجمل النساء ... وأحسن من شاهدت وجها وأعينا وثغرا وجيدا ...
أما العين فهي من العيون التي تفتن وتصرع وتقتل...فإن نظرت بها سحرت وإن غابت عذبت وأضنت ...عينان دعجاوان مدمرتان..
الفم وردة حمراء سماوية عجزت كل أشجار الورد أن تأتي بمثلها..
ثم جرني الخاطر لأ تصور أن هذه المسافة بين وجنتيها وأسفل نهديها هي منطقة القبلات في تضاريس هذا الجمال ...
جعلت أقول لم برزت تلك الرمانتين في صدرها الا لتعلن الحرب على الصدر الاخر !!
ثم ...
الحفيد: اهاا .. اهااا
ثم أذن المؤذن لصلاة العشاء..فتنبهت وقلت استغفر الله ..وأعوذ بالله من وسوسة الشيطان وهمزه ولمزه
ثم احتدم الصراع في داخلي ..أ أمضي في طريقي فأدرسها وأقبض الثمن ؟ وأنا بأشد الحاجة للمال .. أم أتركها وأريح نفسي وأعصابي وأكسب ديني
وطاولت نفسي وطاولتني ... فقالت لي : جرب درسا أو اثنين ثم انظر وننظر !! فكأني استكنت .. وما هو إلا الشعور الداخلي الفطري يحدوني للوصال..
ثم كان الدرس الأول ...
فقلت لها : هل تحفظين شيئا مما قرر عليكم من شعر المتنبي ؟ فأجابت وياليتها ما أجابت : صوت رخيم الحواشي ، ووالله عانيت من صوتها
ما لم ألقه من جمالها ... والأذن تعشق قبل العين أحيانا كما يقال...
وكان المقرر عليهم في الأدب حفظ كم جيد من أشعار أبي نواس وبشار بن برد والمتنبي وأضراب هؤلاء
فتصور يابني ...شاب مع طالبة هي من أشد النساء فتنة والدرس في شعر بشار الخليع الماجن !!!
والله لو درستها القران الكريم لخشيت على نفسي منها ..فكيف بأشعار هؤلاء الفساق !!!
كنت والله أتحاشاها ولا أستطيع أن أمكن عيني في عينيها ... فهل رأيت أحدا غالب الشمس وقت الظهيرة تحديقا ؟؟
فكأن في عينيها سر ضوء الشمس وفي وجنتيها سر ضوء القمر وفي صدرها سر حر جهنم !!!
ثم كان الدرس الخامس ... فاتخذت قراري ... لن أستمر ...نعم لن أستمر ...
يأتيني شيطاني ليستغل ميلي الشديد في المواصلة
ويقول : ويلك أتترك المال وطيب الوصال ..وعندك العيال ...هل تترك كل هذا لأجل ماذا ؟
فأجيب : ويلك هلكت نفسي ووهن عصبي ، فهذه ليست دروسا بل عذابا ...
وديني أليس هو أعز شيء أملكه ؟ فهل آمن على نفسي إن أنا مشيت هذا الطريق إلى نهايته ؟
فيجيب : إن الله غفور رحيم ... فأجبته ولكنه شديد العقاب .. فكأني أخزيته .. وانتصرت فضيلتي ..
وجئت إلى أبيها معتذرا ومتعللا فقبل مني
وفي نفسي ما الله به عليم من رغبة جموح للوصال ولكن ...ربحت ديني ونفسي
ثم سكت الجد ...