السلام عليكم ورحمة الله وبركاتــه
جالســـة أنــا في غرفتــي المتواضعـة ، أراقــب كل زاويـة فيهــا ، أنظـر إلى جدرانهـا التــي حال لونهــا الأبيض إلى أحمـر لإنعكــاس لـون الستائـر عليـها ، قمــت بخطوات غيــر متوازنــة ومسكـت الستـار بأطراف أصابعــي وأبعدتــه بحــذر شيئــا فشيئــا .. فرأيـت رجــلا يرتدي معطفـآ أسودا يراقب نافذتــي .. أسرعــت إلى الزاويـة وضممت رجلــي وصرخــت بأعلى صوتــي .. " إبتعـــد عنــي .. !!! " . مــرت أيـام وأنـا على حالـي ، أخشــى أن أبعــد الستـأئر فأرى ذلك الرجـل المخيف ، تتســاءلون كيف مضــت الأيـام وأنـا جالسة في مكانــي ..؟ مضــت تلك الأيـام وأنــا أشاهد شريط ذكريــاتي البائسـة وبجانبــي كأس أسكـب فيه دموعــي المــرة مــرارة الحنظـل ، تتســاءلون ماذا رايـت في شريط ذكرياتــي لأنتحــب ..؟ رأيــت نفســي البريئــة ، التـي أحبـت آدمــا حبـا عذريـا ، تراقبـه من النافذة ســاعات دون مــلل أو تعـب ، لكن آدم ذاكـ كــان ذئبــا في الأسـاس ولم تــره نفسي البريئة مع الأسـف ، أخبرنــي بمشاعــره المزيفـة مرتديــا قنــاعا ورديــا حامـلا وردة بيضــاء جميــلة التي بأسفلهــا أشواك ســامة لم ترهـا نفسي آنذاكـ .. مـرت سنتــان ونفســي تحــلق في الأفق مع أسـراب الطيــور نحــو الإبتهاج اللامتناهــي ..أو بمـا أسميــه الآن الوهــم اللامتناهــي ..أو الغبــاء اللامتناهـي ..!! رأيت لحظات محفــورة بالذاكـرة والقلــب ، لكنــني رأيتــها بالنسخــة الجديدة ، ورأيت الذئــب على حقيقتــه هذه المــرة .. توقف شريـط ذكريــاتي في اللحظة التـي فتحت فيهـا نافذة غرفتــي و ضحكـت مع آدم الذي بقـي يحدق بــي طويــلآ ، وأنـا أنتظـر منــه ردة فعــل أو فعلآ ..!! لكنــه بقي جامدآ كالصخــرة لايتكلم ولا يتحركـ ، إنتابــني خوف رجفــت على إثـره شرايينــي وتوقف قلــبي عن النبـض لهنيهــة ..فجأة خــرج آدم من سبــاته وإبتســم ،وضع يده على وجهه وبدأ يسحــب القنــاع وينتزعـه برفق ثم ...أخرج من حقيبتــه معطفـا اسودا وإرتداه .. كـان المعطـف ملطخــا بالنفــاق والكــذب .. لكن أدم لم يحاول تنظيفــه بل تقصــد إظهارهـا لـي .. أغلــقت النافذة في صمــت وأحضــرت ستائرآ بيضــاء .. تتساءلون الآن ..كيف أصبحت حمـراء ؟ إنعكــست دموع قلبـي وقطــرات الدم التـي نزلــت من شريانــي على الستـائر فأصبحت حمــراء ! راق لآدم لونهــا كثيــرآ ، كان ينتظـر ظهوري ليــرى إنكســاري و ضعفــي من زجــاج النافذة .. وهذا مارأيتــه في تلك الأيــام .. قمــت بخطوات واثقــة وأبعدت الستــائر .. ورميتهـا أرضــا .. أحضرت مطرقــة وكســرت بهـا زجاج غرفتــي ، تطايــر بعضــه على قلبـــي وجرحــه ..وتطايـر البعض الآخـر على آدم و قتلــه أمـام ناظري .. رميــت المطرقــة من النافذة المكســورة و الستـأئر أيضآ ..وهــا أنـا أعود إلى الزاويــة من جديـد .. لأسمـع صراخ آدم الذي يطلــب النجدة في آخــر ثوانــي حياتــه ، والدمــاء تغطــي آثــار النفاق والكذب ..أغلقــت أذنــي فرايت نفســي البريئة متجهـــة نحــوه باكيــة .. قمــت مسرعــة وأمسكتنــي من يدي أقــول - أتركيـه يمت ..!! ، إبتســمت نفسي وأجابتنــي بنبرة هادئة - إن يمت آدم ، أنـا أيضـآ سأموت .. دفعت نفســي أمنعهــا من الذهاب إليــه أقـول - لن تموتــي .. ستبقين معــي .. هو لايستحق العيــش ..!!! ردت نفسي - آسفـة يــا أنـا لكن حيــاتي بدات في هذه النافذة وهــاهي كسرت أمــامي ..وقتلت آدم .. لذلك ستتنهــي حيـاتي مع النافذة وأمـوت مع آدم .. لا تمنعــيني من الذهاب ..أرجوكـ !
وقفت أراقبنــي أمــوت إلى جانب آدم .. ويداي مكبلـــتان بقيــد خفــي .. يمنعــني من الحراكـ .. حاولت الصراخ لكننــي لم أستطع .. كنت عاجـزة ..
مــات آدم ومــاتت نفسي البريئة معــه ..وحولهـمـا بقايـا زجــاج غرفتــي وقطعــة من الستـائر ..أردت البكــاء لكن دموعــي أبت النــزول ، وغادرت جفونــي ، تركتنــي هي الأخـرى .. ومنذ ذلك اليــوم لم أجد الدمــوع والإبتسامة ، فجعلت أبحث عن مشاعري كالمجنــونة .. وإنتهــى بي الأمــر على قبــر آدم .. رأيت بقــايا نفســي هنـاك .. حتـى أننــي وجدت الإبتســامة والدمــوع تحــت تلك البقـايا .. ضممتهـا إلى صــدري أقبلــها بحــرارة .. أخبرهـا بمدى شــوقي لهــا .. جمعــتهـا كلها و ذهبــت إلى غرفتـي .. علقــت ستـائرا جديدة ..وطليت الجدران بلــون جديـد .. وأحضـرت زجــاجا جديدآ للنافذة .. وفتحــتهـا بعــد تردد وخــوف .. فوجدت آدمــا يلبــس ثيــابا بلون طلاء غرفتــي .. فأبتســمت .. ونزلت دمعــة من عيني .. مسحــتها وقبلت نداهـا على راحة يدي .. جلســت أرحـب بمشاعري الضائعـة وأراقب آدم الجديد ..فسمعت طرق البـاب ..فتحــته فوجدت نفســـي البريئة عـــادت .. أختلطــت دموعــي مع إبتســامتـي .. وعانقــت نفســي التي إشتقــت إليــها كثيـرآ ..
منقول