عاد منير الى البيت بعد يوم مضني من العمل الشاق وهو عامل بسيط في ورشة للبناء وقد كان الوقت متاخرا والليل القى بستارة سوداء على الجو فهجع الناس الى بيوتهم يتقون برد الشتاء القارص وجد ابنائه مستيقظين ينتظرونه فتعشى معهم وبعد ذلك ناموا وبقي يحادث زوجته في بعض من شؤون حياتهم وبقوا على تلك الحال مدة من الزمن حتى نامت الزوجة وبدا صوت شخيرها يتعالى في ارجاء الغرفة الضيقة ولكن هو لم يغمض له جفن رغم كل ما حل به من تعب النهار فاخذ يسرح بمخيلته الى بعيد وتذكر ان عليه دينا لم يسدده ولا يعلم من اين سيسدده فهو مجرد عامل ومرتبه بالكاد يكفيه واولاده وتذكر ان زوجته مريضة ويلزمها ادوية بكذا وكذا فزاده ذلك هما على هم وفي لحظة انفطعت افكاره وذهبت مع الريح حين سمع صوتا خارج غرفته وكانه صوت اقدام وكانت الريح تعصف فلم يبالي بالصوت وظن ان هذا من فعل الريح فاغمض عينيه يحصل له على بعض الراحة ففي الصباح الباكر يعود الى عمله وويل له ان تاخر ولو قليلا فيخصم من مرتبه وهو في امس الحاجة اليه وما فتئ ان فتح عينيه ثانية حين اشتد الصوت وبدا يقترب من غرفته فتسمر مكانه من الخوف ولم يعلم ماهو فاعل ايخرج ليلقي نظرة ولكن الخوف كان اقوى منه واستمر الصوت بالاقتراب رويدا رويدا ومنير يكاد يموت رعبا في فراشه فتشجع ونهض ليفتح الباب ويرى ما يوجد خارجا ولكنه عاد الى فراشه ثانية حين توقف الصوت ولكنه لمح اقداما تقف قرب باب غرفته وبدا الباب ينفتح شيءا فشيءا واخذ قلبه يدق بسرعة جنونية كانما يود الخروج من صدره حتى اذا انفتح الباب فلم يكن سوى ابنه جافاه النوم ويرغب في النوم في حضن والده.