في ظل الظروف المتيبسة التي نمافيها حلمـه..وجرعات البعد التي تلقاها مذ غادره الاحساس بنسيم الحياة’,
عاد من جديد ليثبت أن الدافع للأمل لم يعد شيء يستحق العناء لأجلــه..
راحت تتخيل مراسيل الوحدة التي تأتيه من أصداء غرفته ...وتلك الباقة الفكرية المتشنجة من’ اللاأمل ’تحيط به..تتمثله وهويعزل ذاته عن منافذ الحياة..ففي عرفــه الاختلاط بالغيــرمدعاة للوهن الفكري وفكرة جديدة يبرر بها حالة الصمت القلبي والعقلي التي يعيشها منذ فترة تزيد عن الأربع سنوات ..
تراه وهو يغرق في أسئلته عن الحالة التي آلت إليها أوطانه ..وينسج من سلسلة الأحداث شريطا يعيد بها ذاكرته خطوة نحوالتأمل..أسمع وشوشات الصبرفي أعماقه وهي تنطلق من نفسه التي ضاقت بماحملته ..ويردد مفهوما جديدا لحياته مفاده أن ’الآخر’هوطرف في معادلة حياة وجب أن نجتثه ..
’سأغلق كل شيء ..’هكذا يرد على أصوات الحزن التي تجذرت في أعماقه..سأنأى عن رواية الربيع التي مافتئت تراود أفكاري بها..إنها محض إشاعات من الحياة ..مفادها أنـي ’لاأزال على قيد الحلــم’..
’هي لا تفهم شيئا عن الحياة..لاتزال تتحدث عن الياسمين ..لاتزال تبحث عني في تفاصيل أحلامها..وأناالذي سرقت سعادتها..يوم بحت لها بلهيب الحب الذي اجتاحني لحظة ولادة أحزانها وقلبي ..’هكذا يجيبهافي صمت حين تلح عليه الذكريات بصورتها ..فلايجود بغيرالصمت ..وتناهيد تختلط مع النسيم ثم تعود مجددا إلى أوردته ..
يطرق التفكيرة تارة أخرى..يسند أفكاره إلى نافذة قريبة تطل على شارع قريب من طفولته ..يراقب أعين الخلائق وهي تسرق الحياة بعضهامن بعض..يرى الحرية وهي تصلب على يد الجاثمين على صدورالحياة..فقد عاش طول حياته ’حرا’يأبى الانصياع لقروش الذل..لكنه اليوم يمد اليأس بطاقة أكبرتجعله عبدا لـه..
على بعد ذاكرة تئن من فراقهما..يعود إلى زاوية من زوايا ’ذكرياتهمامعا’..حين خلد وإياها تذكارالشوق..كانت كمن يعيده إلى الأمل بمنظارها هي لا بنبضه هو..كانت محض أمنية غادره الشوق إلى الظفربها..فقد كان يخاف ضياء طفولتها ..فاستعان بهمس الخريف حتى لا يعتدل قوام حلمها..
ظل صامتا برهة من الزمن..اخرج من حشا صدره ماتبقى لــه من ذكرياته معها..وابتسم تاركـا إياها ’تحاكيه خلسة عن عيناه ’وتنسج له مع انسدال أطراف النهار’ دعوة ’من قلبهاالممتلئ به إلى سماء ترجمها بأمنياتها..إلى رب هوأقرب إليها من حبل وريدها حيث اعتادت على مر السنتين من تعارفهما أن تبث لبارئها شكواها وأحزانها ..بأن يرزقه ’أملا ’جديدا يمسح من جمرات الدمع المنسدلة من قلبها وهي تذكراسمه في آخرالدعاء..
وكعادتها..ستظل تنتظره ..وكأن البعد ماكان يوما’