بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعلم أنّ الجمال ينقسم قسمين ظاهرا وباطنا ، فالجمال الباطن هو المحبوب لذاته ،
وهو جمال العلم والعقل والجود والعفة والشجاعة ،
وهذا الجمال الباطن هو محل نظر الله تعالى من عبده وموضع محبته
كما في الحديث الصحيح
{إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلىقلوبكم وأعمالكم} .
وهذا الجمال يزين الصورة الظاهرة وإن لم تكن ذات جمال ،
فيكسو صاحبها من الجمال والمهابة والحلاوة بحسب ما اكتسبت روحه من تلك الصفات ،
فإن المؤمن يعطى مهابة وحلاوة بحسب إيمانه ،
فمن رآه هابه ، ومن خالطه أحبه ، وهذا أمر مشهود بالعيان ،
فإنك ترى الرجل الصالح المحسن ذا الأخلاق الجميلة من أحلى الناس صورة
وإن كان أسود أو غير جميل ،
ولا سيما إذا رزق حظا من صلاة الليل فإنها تنور الوجه وتحسنه .
وقد كان بعض النساء تكثر صلاة الليل فقيل لها في ذلك
فقالت إنها تحسن الوجه وأنا أحب أن يحسن وجهي .
ومما يدل على أن الجمال للباطن أحسن من الظاهر
أن القلوب لا تنفك عن تعظيم صاحبه ومحبته والميل إليه ،
وأما الجمال الظاهر فزينة خص الله بها بعض الصور عن بعض ،
وهي من زيادة الخلق التي قال الله فيها {يزيد في الخلق ما يشاء}
قالوا هو الصوت الحسن والصورة الحسنة
والقلوب كالمطبوعة على محبته كما هي مفطورة على استحسانه .
وقدثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال {لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر ، قالوا يا رسول الله الرجل يحب أن تكون نعله حسنة وثوبه حسنا أفذلك من الكبر ؟ فقال لا إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق وغمط الناس}
فبطر الحق جحده ودفعه بعد معرفته ، وغمط الناس النظر إليهم بعين الازدراء والاحتقار والاستصغار لهم ، وتقدم هذا مبسوطا.
والجمال الظاهر من نعم الله أيضا على عباده يوجب الشكر . وشكره التقوى والصيانة ، فكلما شكر مولاه على ما أولاه زاده الله جمالا ومنحه كمالا .
وأما إن بذل الجمال في المعاصي عاد وحشة وشينا
كما شوهد من عالم كثير في الدنيا قبل الآخرة .
فكل من لم يتق الله سبحانه وتعالى في حسنه وجماله انقلب قبحا وشينا يشينه الله به بين الناس .
انتهى .