كل انسان هل فكرت يوما أن كل شئ أنت عليه أو ستكون عليه معتمدا عليك؟ تصور فقط! أنت فيما فيه بسبب ما انت عليه. كل ما لديك في حياتك موجود بسببك، بسبب سلوكك وكلماتك وأفعالك، بسبب أن لديك حرية للإختيار ولأنك اخترت كل الظروف في حياتك، أنت مسئول عن كل نجاح وفشل، كل سعادة وتعاسة، مسئول عن حاضرك وعن مستقبلك.
هذه الفكرة تماثل قفزة بالمظلات: تبعث على الخوف والإثارة في نفس الوقت. هي أحد أكبر وأهم فكرة من الممكن أن تحدث لك أو لغيرك. تحمل المسئولية الشخصية هو ما يفرق بين الناضج والطفل، هو قفزة إلى النضوج. المسئولية هي علامة الإنسان العامل والمتكامل في قمة حالاته. المسئولية تسير متوازية مع النجاح والإنجاز والحماس والسعادة وتحقيق الذات. وهي أقل احتياجات تحقيق أي شئ في الحياة. قبولك لمسألة أنك مسئول مسئولية كاملة عن نفسك ووعيك بأن لا أحد سيأتي لنجدتك هو أول خطوة في طريق تحملك لمسئولياتك. هناك القليل جدا من الأشياء التي لا تستطيع فعلها أو الحصول عليها بعد قبول أن "إذا كان مقدرا له الحدوث فالخيار لي!".
عكس تقبل المسئولية هو البحث عن الأعذار ولوم الناس ولوم الأشياء التي تحدث لك في حياتك. وبما ان كل شئ نفعله هو من قبيل العادة، إذا اعتاد الإنسان البحث عن الأعذار هو يعتاد في نفس الوقت تجنب المسئولية. إذا استطاع هذا الإنسان أن يضع هدفا لنفسه فهو يرفقه فورا بعذر احتياطي في حالة صعوبة تحقيق الهدف أو احتياجه لقدرات ذاتية أعلى أو مثابرة أكثر مما كان يعتقده. وبمجرد أن تسير الأمور بضعف تخرج الشخصيات الغير مسئولة بأعذارها لتحافظ على مظهرها أمام الناس ولكن هذا الأسلوب لن ينفعها على المدى الطويل.
أهم جزء في مسألة المسئولية الذاتية تشمل سعادتك وسلامك الداخلي. هناك علاقة مباشرة بين المسئولية والسعادة في ناحية وبين الهروب من المسئولية و التعاسة من ناحية أخرى.
لماذا؟ لأن مفتاح السعادة هو الحصول على الإحساس بالتحكم في مفردات حياتك. كلما زادت قوة تحكمك كلما كنت أسعد. الموظفون الذين تولوا مناصب قيادية أسعد من موظفي الشركة الآخرون الأقل في المسئولية، ذلك لأن كلما زاد الشعور بالقدرة على التحكم وأخذ قرارات وتنفيذها كلما زادت السعادة. كلما زادت مسئوليتك في شركتك
كلما زادت القوة والسلطة والإحترام الذي تتلقاه.
كلما توليت مسئوليات أكثر كلما كنت أكثر تحكما كلما كنت أكثر حرية لأن لديك حرية أن تتخذ قراراتك بنفسك.
أسعد الناس في العالم هم الذين يشعرون براحة تجاه أنفسهم وتلك هي الصفة التي تتولد تلقائيا مع تقبل المسئولية الكاملة عن كل جزيئة في حياتك.
في الطرف الآخر هناك الشخصيات الغير مسئولة التي تصل إلى درجة أنها لا تستطيع أن تجلس أو تسير دون أن يساعدها أحد. يقول توماس زاز وهو عالم تحليل نفسي كبير أنه لا يوجد شئ اسمه الجنون ولكن هناك درجات متفاوتة من التنصل من المسئولية".
الشخص الغير مسئول معرض بشكل كبير إلى الغضب والعدوان والخوف والكره وكل أنواع المشاعر السلبية. لذلك فإن المشاعر السلبية مرتبطة باللوم. 99% من إجمالي مشاكلنا موجودة لأننا نستطيع أن نلقي باللوم على آخرين سواء من البشر أو الظروف أو ما إلى ذلك، ولو توقفنا لوهلة عن ذلك وتحملنا مسئولية مشاكلنا لإنتهت جميع المشاعر السلبية التي نعاني منها.
ما هو ترياق إلقاء اللوم على الآخرين؟ هذه العملية بسيطة فبما أن عقلك يستطيع أن يتحمل فكرة واحدة في ذات الوقت إما سلبية أو ايجابية، تستطيع أن تتلافى اللوم والغضب من الآخرين بأن تقول لنفسك أنا المسئول.
لن تستطيع أن تجمع بين تحملك لمسئولية الفعل والغضب في آن واحد لأن تحمل المسئولية ينفي المشاعر السلبية والطرق الجانبية والميول تجاه التعاسة.
تحمل المسئولية يجعلك عقلك أكثر هدوءا ويعطيك رؤية واضحة لأنه يهدئ من انفعالاتك ويتيح لك فرصة التفكير الإيجابي البناء. وبالفعل فإن تحملك المسئولية غالبا ما يعطيك رؤية لما يجب أن تفعله لحل تداعيات موقف ما.
على سبيل المثال، أم تشتكي من أبنائها إذا سألت نفسها بدلا من هذه الشكوى لماذا وصل الحال إلى ذلك لوجدت أن الأبناء يفعلون ما هو انعكاس لتصرفها معهم من البداية والحل ليس في الشكوى ولكن في البحث عن السبب ومعالجته من الأم نفسها. لو أن الإنسان سأل نفسه عن سبب الأحداث الخارجية لوجد أن الكثير منها إنعكاس لشئ فعله أو يفعله، وسيكتشف أنه بالفعل مسئولا عن قدر كبير مما يحدث من حوله بعد أن أضاع وقته يلقي باللوم على الآخرين.
إذا كنت تمر بمشاكل علاقة زوجية سيئة فمن الذي زوجك؟ ليس من المعقول أن احدهم صوب إلى رأسك مسدسا وأجبرك على الزواج. كان لك حرية الإختيار وإذا لم تكن سعيدا فيجب أن تفعل شيئا حيال ذلك. وكما قال هنري فورد:" لا تشتكي ولا تبرر"، إذا كنت غير سعيد بحالك افعل شيئا، وإذا لم تكن تنوي فعل شئ لا تشتكي.
تحكي قصة عن عامل بناء أتى في وقت الراحة ليأكل فوجد أن معه شطيرة سردين فغضب وظل يشتكي بصوت عالي للكل أنا أكره الساردين. وفي اليوم التالي تكرر نفس الشئ وظل العامل يشتكي بصوت عال من الساردين، ثم تكرر ذلك في اليوم الثالث حتى ضاق به زملاؤه فقالوا له قل لزوجتك أنك تكره الساردين كي لا تعطيه لك، فنظر إليهم العامل وقال أنا لست متزوجا وأنا الذي أصنع الشطائر بنفسي.
الكثير منا يضع نفسه في هذا الموقف فهو يشتكي من الظروف التي هي ربما بالكامل نتاج ليديه وبيده إصلاحها. هل هذا صحيح بالنسبة لك؟ ابحث في حياتك وعلاقاتك واسأل نفسك أي الأجزاء تنطبق على حالة هذا العامل.
هل أنت غير سعيد بوظيفتك؟ هل أنت غير سعيد بالمبلغ الذي تتقاضاه نظير عملك؟ هل أنت سعيد بدرجة تحملك لمسئولية جميع أنشطتك اليومية؟ إذا كانت إجابتك بلا فيجب أن تتقبل تماما أنك المسئول عن كل شئ في حياتك وفي عملك ومستقبلك المهني والأسري.
له المسؤلية