بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وأل محمد وعجل فرجهم
أرجوا أن تستفيدي ويعجبك الموضوع
تفضلي هذا القليل في حق الوالدين:
قال تعالى في كتابه: "وقضى ربك ألاَّ تعبدوا إلاّ إيَّاه وبالوالدين إحساناً" .
إن للوالدين مقاماً وشأناً يعجز الإنسان عن دركه، ومهما جهد القلم في إحصاء فضلهما فإنَّه يبقى قاصراً منحسراً عن تصوير جلالهما وحقّهما على الأبناء، وكيف لا يكون ذلك وهما سبب وجودهم، وعماد حياتهم وركن البقاء لهم.
لقد بذل الوالدان كل ما أمكنهما على المستويين المادي والمعنوي لرعاية أبنائهما وتربيتهم، وتحمّلا في سبيل ذلك أشد المتاعب والصعاب والإرهاق النفسي والجسدي وهذا البذل لا يمكن لشخص أن يعطيه بالمستوى الذي يعطيه الوالدان.
ولهذا فقط اعتبر الإسلام عطاءهما عملاً جليلاً مقدساً استوجبا عليه الشكر وعرفان الجميل وأوجب لهما حقوقاً على الأبناء لم يوجبها لأحد على أحد إطلاقاً، حتى أن الله تعالى قرن طاعتهما والإحسان إليهما بعبادته وتوحيده بشكل مباشر فقال: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً".
لأن الفضل على الإنسان بعد الله هو للوالدين، والشكر على الرعاية والعطاء يكون لهما بعد شكر الله وحمده، "ووصينا الإنسان بوالديه... أن أشكر لي ولوالديك إليَّ المصير".
وقد اعتبر القران العقوق للوالدين والخروج عن طاعتهما ومرضاتهما معصية وتجبراً حيث جاء ذكر يحيى ابن زكريا بالقول: "وبراً بوالديه ولم يكن جباراً عصيا".
وفي رسالة الحقوق المباركة نجد حق الأم على لسان الإمام علي بن الحسين (ع) بأفضل تعبير وأكمل بيان، فيختصر عظمة الأم وشموخ مقامها في كلمات، ويصوِّر عطاها بأدق تصوير وتفصيل فيقول :
"فحقّ أُمِّك أن تعلم أنَّها حملتك حيث لا يحمل أحدٌ أحداً، وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يُطْعِم أحدٌ أحداً، وأنَّها وقتك بسمعها وبصرها ويدها ورجلها وشعرها وبشرها وجميع جوارحها مستبشرة بذلك فرحةً موبلة (كثيرة عطاياها )، محتملة لما فيه مكروهها وألمها وثقلها وغمِّها، حتى دفعتها عنك يد القدرة وأخرجتك إلى الأرض فَرَضِيَتْ أن تشبع وتجوع هي، وتكسوك وتعرى، وترويك وتظمأ، وتظللك وتضحى، وتنعمك ببؤسها، وتلذذك بالنوم بأَرِقهَا، وكان بطنها لك وعاء، وَحِجْرَها لك حواء، وثديها لك سقاءاً، ونفسها لك وقاءاً، تباشر حر الدنيا وبردها لك دونك، فتشكرها على قدرِ ذلك ولا تقدر عليه إلاّ بعون الله وتوفيقه".
وتبرز هنا، أهمية حق الأم من خلال التفصيل والبيان الذي تقدم به الإمام ? بحيث جعله أكبر الحقوق في رسالته المباركة، وأكثر في بيانه، وحثَّ على برّها ووصّى الولد بالشكر لهما كما هي الوصية الإلهية: "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن... أن أشكر لي ولوالديك إليَ المصير".